الدرس الرابع
مصر تحت حكم الرومان (30ق.م – 642 م(

مقدمه
وقعت مصر تحت الحكم الروماني عقب معركة أكتيوم البحرية عام 31 ق.م ومنذ ذلك التاريخ تحولت مصر الى ولاية رومانية تحت قيادة أكتافيوس عام (30 ق.م) وأطلق عليه لقب أغسطس
وقد تمتعت مصر بمركز خاص ميزها عن بقية ولايات الامبراطورية الرومانية . هل تعرف لماذا ؟    (نشاط(
يرجع ذلك لأهمية موقع مصر الجغرافي فى ملتقى قارات العالم القديم والمتحكم فى طرق التجارة آنذاك , بالإضافة الى امداد روما بالقمح اللازم لإطعام السكان ،... والان لاحظ الشكل التالي لتعرف أحوال مصر تحت الحكم الرومانى

أولاً : الحياة الاقتصادية :
حاول الرومان النهوضبمرافق البلاد اقتصادياً فى كافة المجالات نظراً لاهتمام الأباطرة الرومان بالانتفاع بموارد مصر وفى سبيل ذلك اهتموا اهتماماً خاصاً بشئون الزراعة والصناعة والتجارة
- الزراعة : فى مجال الزراعة اهتموا بــ
-         حفر ترع جديدة  
-         تطهير الترع القديمه    
-         ضبط مياه النيل
-         زيادة المحاصيل الزراعية وفى مقدمتها القمح  
-         زيادة محاصيل الفواكه والخضروات والبردى ونباتات الزينة
- الصناعة
اهتموا الرومان بالصناعة أيضاً وخاصة فيما يتعلق بالصناعات التى أتقنها المصريون القدماء أيام الفراعنة , ومن أهم تلك الصناعات :
-         ورق البردى الذى كانت مصر مصدره الوحيد فى العالم
-         صناعة النسيج من الكتان ويعد من أجود أنواع الأقمشة آنذاك والمنسوجات الصوفية
-         الصناعات الزجاجية والخشبية
-         صناعة الأوانى الفخارية والأدوات المنزلية
-         صناعة الحلى الذهبية والفضية وتصنيع المعادن
-         صناعة الزيوت والعطور والعقاقير الطبية

ماذا تستنج من هذا النص   (نشاط(
ماذا تقول عن مصر وما تمتلكه من مقومات طبيعية وبشرية
التجارة :
اهتم الرومان بالتجارة الداخلية , حيث مارس سكان مصر التجارة الداخلية بكل حرية , واهت الرومان بتحسين الطرق وتمهيدها , كما أعادوا حفر القناة التى كانت تصل النيل بالبحر الأحمر .
اما التجارة الخارجية فكان يشرف عليها الرومان اشرافاً كاملاً حيث كانت الادارة الرومانية ترسل ممثلين لها مع السفن التجارية فى البحر المتوسط والأحمر .
الضرائب :
تعتبر الضرائب أهم ما كان يسعى اليه الرومان فى مصر ؛ ولذلك وضعوا نظام ضرائب فى منتهى الدقة لم نسمع عنه العالم القديم كله , وذلك حتى يتمكنوا من تحصيل أية مبالغ من الأهالى لتورد الى الدولة وفى سبيل ذلك :
1-      استخدموا نظام الاحصاء السكانى , التى تحدد  أعداد السكان وأعمالهم وأنواعهم
2-      فرضوا على سكان مصر أكثر من 200 نوع من الضرائب
3-      استحدثوا نظام الخدمات الالزامية , وهى أعمال تفرض على الأهالى بدون مقابل

ثانياً الحياة السياسية
كان النظام السياسي يقضى بأن يحكم الولايات قنصل سابق , ولكن نظراً لأهمية مصر الاقتصادية والجغرافية , فقد قرر الامبراطور الرومانى " أغسطس" أن يكون حاكم مصر يتبعه مباشرة , ويتلقى الأوامر منه ,وأن يكون من طبقة الفرسان الموالية له وذات كفاءه الإدارية والمالية والخبرة العسكرية , وحظر على أى شخص من طبقة " السناتو " دخول مصر الا بإذن من الامبراطور مباشرة , كما قسمت مصر ادارياً الى ثلاثة أقسام يرأس كل منها حاكم رومانى وهى :


ثالثاً الحياة الاجتماعية :
لاحظ الشكل التالى ؛ لتتعرف طبقات المجتمع فى مصر تحت الحكم الرومانى
****************************************
مارأيك فى هذا التقسيم ولماذا كان الإغريق أعلى من المصريين ؟   (نشاط(
1-طبقة الرومان
تمتعت بكافة الامتيازات المالية والقانونية , وتكونت فى مصر من :
الوالى  : كان على رأس الهرم الاجتماعى , ويقيم فى الاسكندرية ويساعده حكام المديريات
الجنود الرومان : هم جنود الحاميات الرومانية التى عاشت فى مصر وتضم الفرسان والمشاة
المواطنون الرومان : الذين قدموا الى مصر ؛ للتجارة نظراً لغناهم الاقتصادى
2-اغريق المدن الأربعة:
شكلوا الطبقة الوسطى داخل المجتمع المصرى , حيث تمتعوا ببعض الامتيازات وأهمها أنهم لم يدفعوا ضريبة الرأس ( الجزية ) وسكنوا المدن الأربعة وهى ( نقراطيس , الاسكندرية , بطلميس , وأنطنيوبوليس (
3-   الاغريق فى الريف المصرى :
حيث كانوا ينتشرون فى عواصم الأقاليم , ويعملون فى التجارة والأعمال المصرفية ويشغلون المناصب العامه
4-      اليهود :
عاشوا فى الاسكندرية وكان لهم حى مخصص هو الحى الرابع وكانوا أصحاب رؤوس أموال ويعملون فى التجارة والبنوك والمراباه .
5-      المصريون :
كل من كان يعيش  فى ربوع مصر وليس رومانياً أو من سكان المدن الأربعة , حيث كانت تفرض عليهم كافة الأعباء الضريبية , وليست لهم حقوق قانونية .وكان لا يسمح لأى أحد من فئة سكانية ان يرقى الى الفئة الأعلى الا بقانون يصدر من الامبراطور نفسه .
رابعاً الحياة الدينية :
تمثلت المظاهر الدينية فى العصر الرومانى فيما يلى :
- استبدال عبادة الملوك البطالمة بعبادة الأباطرة الرومان , حيث اعتبر المصريون الامبراطور هو الوريث الشرعى للملك الفرعونى والبطلمى .
- وكان أهم متغير دينى فى القرون الثلاثة الاولى الميلادية ,هو ظهور الديانة المسيحية .
ولكن كيف ظهرت المسيحية وكيف دخلت مصر ؟
ولد السيد " المسيح عيسى " عليه السلام  فى بيت لحم بفلسطين فى عهد الامبراطور الرومانى " أغسطس" وأخذ يدعوا للايمان بالله الواحد والمحبة والسلام والإخاء والتسامح , وقد دخلت المسيحية مصر على يد القديس " مرقص " أحد تلاميذ السيد المسيح فى منتصف القرن الأول الميلادى فى عهد الامبراطور الرومانى " نيرون " (54 : 68 م)
- وقد أقبل المصريون على اعتناق المسيحية ؛ لأنهم وجدوا فيها مبادئ سامية وخلاصاً لهم من واقعهم المضطرب والقهر والذل الذى كانوا يعانونة تحت الحكم الرومانى . ونشأت الرهبنة المسيحية فى مصر حيث حاول المسيحيون الابتعاد عن بطش السلطة الحاكمة .
والان هيا بنا نتعرف موقف الرومان من انتشار المسيحية ...
الاضطهاد الرومانى للمسيحيين :
تعرض السيد المسيح وتلاميذه للاضطهاد الرومانى ؛ لأن مبادئ المسيحية تخالف الوثنية ورفض المسيحيون تقديس صور الاباطرة الرومان , وبلغ الاضطهاد حده فى عهد الامبراطور " نيرون"
أما الامبراطور دقلديانوس (284 م : 305 م) فقد أصدر مرسوماً بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة واعدام من يتبع التعاليم المسيحية فسمى عهده بعصر الشهداء بسبب ما تعرض له المصريون من حركة اضطهاد مما دفع الأقباط أن يخلدوا تاريخ شهدائنا فاتخذت الكنيسة القبطية فى مصر عام 284 م بداية للتقويم القبطى .
فى عام 313 م أصدر الامبراطور قسطنطين مرسوم التسامح مع المسيحين فيما عرف باسم " مرسوم ميلان " والذى أعطى الحرية الدينية للمسيحين .
ثم أصدر الامبراطور ثيودوسيوس (387 م: 395 م) مرسوماً بالغاء الوثنية والاعتراف بالمسيحية ديانة رسمية للدولة .
اعلم أن الأقباط كلمة تطلق على المصريين جميعاً
خامساً : الحياة الثقافية :
ظلت الاسكندرية مركزاً للعلم والفن خلال العصر الرومانى , كما بقيت من أعظم موانئ البحر المتوسط وأعرقها حضارة , وقد احتفظت بشهرتها ومكانتها فى عالم الطب , وكذلك ازدهر بها الكثير من العلوم وخاصة الهندسة والميكانيكا والجغرافيا والتاريخ والفلسفة ,وكان من أشهر فلاسفة العصر " أفلوطين " وهو مصرى من أبناء أسيوط عاش فى القرن الثالث الميلادى , أما الدراسات الأدبية فقد اقتصرت على نشر وشرح الاعمال الأدبية القديمة .
وقد قامت المدرسة المسيحية بالاسكندرية بدور فعال فى اثراء الحياة الثقافية فى مصر , وانتشر الأدب القبطى الذى اتخذ شكل مواعظ تتعلق بالأمور الدينية مثل قصص القديسين وشرح الكتاب المقدس وتراجم شهداء الأقباط , وكان الغرض منها الحث على الفضائل ومكارم الاخلاق .
ولم يدم ازدهار منشآت الاسكندرية الثقافية والعلمية طويلاً , فقد دمر الرومان المدينة عدة مرات بما فيها دار العلم والمكتبة نتيجة لقيام ثورات واضطرابات بها
هل تعلم
ان الأديرة فى مصر كانت بها مراكز علمية ممتازة لعلوم الكنيسة , وقام الرهبان بدور فعال فى نسخ المخطوطات ومن أهمها الكتاب المقدس وقوانين الكنيسة وغيرها
سادساً  : الحياة الفنية
ظلت الفنون مزدهرة فى مصر , ويشهد بذلك ما عثر عليه فى مدينة الاسكندرية ولا يزال معروضاً حتى الان بالمتحف اليونانى الرومانى . ويمكن تقسيم الفن حينذاك الى قسمين رئيسين :
فن الطبقة الحاكمة : ويمثله تماثيل الأباطرة الرومان والنقوش التى زينت بها جدران التوابيت الحجرية .
الفن الشعبى : الذى يتمثل فى آلاف التماثيل الصغيرة والأوانى الفخارية والحجرية والمعدنية التى تزخر بها المتاحف , كذلك كثر استخدام الفسيفساء فى الارضيات بوجه خاص , وتمثل مناظرها أشخاص وحيوانات منها الحقيقية ومنها الخيالية .
الفن القبطى : وفى ظل المسيحية نشأ فن يعبر عن الدين الجديد فى اطار الموروث العميق من الفن المصرى والشرقى وقد عرف هذا الفن بالفن القبطى , ونتمثله فى الكنائس والأديرة القديمه والتى لا تزال أثارها باقية حتى اليوم وتأثر الفنان القبطى بخصائص الفن المصرى القديم فى التصوير والرسم التشكيلى والنحت والعمارة
ومن أمثلة الأثار القبطية فى مصر ما يلى :
الكنيسة المعلقة : وتقع فى حى مصر القديمه بمحافظة القاهرة
دير المحرق بأسيوط : ويشتهر باسم دير السيدة العذراء مريم
دير الانبا انطونيوس : ويقع بالقرب من مدينة الزعفرانه بمحافظة البحر الأحمر
  أديرة وادى النطرون : وهى أربعة أديرة تقع بالقرب من دلتا مصر
المتحف القبطى : ويقع داخل أسوار حصن بابليون ويتسم بالطابع القبطى الممزوج بالتقاليد المصرية القديمه والهلنستيه والبيزنطية والاسلامية
والان تعال نتعرف أسباب سقوط الحكم الرومانى فى مصر
بالرغم من محاولات الاصلاح التى حدثت فى عهد الرومان الا أن الحكم الرومانى بصفة عامة قد اتسم بالفساد , وكان من مظاهر هذا الفساد ما يلى :
1-               استبداد الحكام وظلمهم واستنزافهم الاقتصادى لموارد مصر
2-               النظام الاقطاعى فقد اعتبروا أرض مصر كله للامبراطور يمنح قطعاً منها للمقربين منه أو للمحاربين أو لغيرهم
3-               فداحة الضرائب المفروضه على المصريين وتعددها والاستبداد والعنف فى وسائل جمعها
4-               اعتبار المصريين طبقة أقل تعمل فى سبيل ارضاء الطوائف المميزة وعلى رأسهم الرومان والاغريق
لذلك قاوم المصريون الرومان ودافعوا عن حرياتهم وأخذ هذا الكفاح صوراً رائعة من الصمود والتحدى تمثلت فى قيام ثورات ضدهم وهجرة القرى وترك الحقول لاهمال الزراعة كوسيلة سلمية لمحاربة الرومان واستمر هذا الوضع حتى جاء الفتح العربى الاسلامى لمصر عام 641 م ؛ لتدخل عصراً جديداُ تحت الحكم الاسلامى الذى تميز بالتسامح الدينى واحترام الأديان .
حيث أصدر عمرو بن العاص خطاب أمان للبابا " بنيامين " الذى كان مختفياً بأيرة وادى النطرون ثم صعيد مصر لمدة ثلاثة عشر عاماً من الاضطهاد الرومانى , فعاد البابا الى النشاط الدينى , وقد أمر عمرو بن العاص باسترداد جميع الكنائس التى استولى عليها الروم خاصة فى الاسكندرية .
اعلم
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بأهل مصر خيراُ حيث قال " اذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً"
" اذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جنداً كثيفاً فذلك الجند خير أجناد الارض ؛ لأنهم فى رباط الى يوم القيامة "
 

Sample text

Sample Text

Sample Text